مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الأتراك إلى منبج بعد عفرين؟”.. “إصلاحات في السعودية بدون انفتاح سياسي”

الصفحات الأولى لعدد من الصحف السويسرية
اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بزيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى واشنطن وبالدور الأمريكي في الأزمة الخليجية وبالتداعيات المحتملة لسيطرة القوات التركية على عفرين على مستقبل الأوضاع في سوريا. swissinfo.ch

اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن وبالدور الأمريكي في الأزمة الخليجية المستمرة،  كما تطرقت إلى التداعيات المرتقبة لسيطرة القوات التركية على عفرين على مستقبل الأوضاع في سوريا.

في عددها الصادر يوم 20 مارس 2018، رأت صحيفة بازلر تسايتونغ أن “الوجود العسكري التركي في منطقة عفرين بسوريا سيطول، لأن أنقرة لديها طموحات إقليمية، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتزم  إعادة عدد من اللاجئين السوريين الذين لجأوا إلى تركيا فارين من الحرب الأهلية إلى منطقة عفرين. وهو يأمل التقليل بهذا من التوترات الإجتماعية في بلاده. وبعد ذلك ستتولى تركيا إعادة تشييد البنية التحتية المدنية. وبهذا لن تكون مسؤولة عن الوضع الأمني فقط، بل عن المدارس أيضا”. ورأت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في بازل أن هذا التحرك “هو جزء من مخطط طموح لتركيا لتعزيز نفوذها ونشر فهمها للإسلام، فتركيا تشيّد القواعد العسكرية كما حدث في قطر وتشيّد أكبر مسجد في منطقة البلقان في العاصمة الألبانية تيرانا بقيمة 30 مليون يورو”.

بدورها، اعتبرت صحيفة أرغاور تسايتونغ الصادرة بتاريخ 19 مارس 2018 أن سقوط عفرين يشكل سقوط معقل الأمل بالنسبة للأكراد ولليسار عموما. وأضافت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في آراو أن “اسم العملية العسكرية التركية “غصن الزيتون” يتناقض بشكل صارح مع الإنتهاكات التي رصدها المراقبون. من جهة أخرى، تتواصل الحرب الإعلامية بين طرفي القتال، حيث يقول المقاتلون الأكراد إن تركيا استعانت بجماعات متطرفة في حملتها على عفرين، فيما تصف تركيا معركتها بالحرب على الإرهاب. لكن وحدات حماية الشعب الكردية حظيت بدعم الغرب ولا سيما فرنسا والولايات المتحدة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية”. وحذرت الصحيفة من أن “الصراع الدائر يأخذ منحنى خطيرا مع تحوله إلى حرب بالوكالة على الأراضي السورية ومع تحول المواجهة إلى حرب بين حلفاء الناتو”.

ما بعد عفرين..

الصحف السويسرية الصادرة بالفرنسية اهتمت أيضا بتداعيات سيطرة القوات التركية ومقاتلي الجيش السوري الحر على عفرين بعد فرار عناصر “وحدات حماية الشعب الكردية” منها، حيث نقلت صحيفة “لوتون” في عددها الصادر يوم 20 مارس 2018 عن خالد عيسى، ممثل كردستان السورية (روجافا باللغة الكردية) في باريس قوله: “نحن قادرون على استعمال القوة، لكننا نعرف أيضا اللجوء إلى الحكمة”. وعلقت الصحيفة أن هذه “الحكمة” أدت إلى نزوح ثلثي السكان تقريبا (حوالي 250000 شخص) عنها مع تواصل تقدم الجيش التركي.

الصحيفة ذكّرت بأن عفرين ظلت حتى الآن من المواقع النادرة التي أفلتت طيلة السنوات السبع الماضية من مآسي الحرب في سوريا. ومع أن “وحدات حماية الشعب الكردية” تعتبر الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في شرق سوريا، إلا أنها كانت موضوعة في هذه المنطقة تحت حماية روسيا التي تحتفظ بنصف دزينة من المواقع العسكرية في هذا الجيب. وهو ما يؤكده خالد عيسى قائلا: “لقد كان لدينا اتفاق مع الروس”، إلا أن موسكو لم تتحرك قيد أنملة عندما أطلقت أنقرة منذ نحو شهرين عمليتها العسكرية في شمال سوريا تحت مسمى “غصن الزيتون”، وهو ما اعتبرته الصحيفة “أول طعنة في الظهر”.

الطعنة الثانية جاءت من واشنطن حيث ذكّر خالد عيسى بالدور الذي لعبه مقاتلو “وحدات حماية الشعب الكردية” (ي بي دي) بتعاون وثيق مع التحالف الدولي في القتال ضد جهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية” وقال متنهدا: “لقد أصبح مقاتلونا والأمريكيون رفاق سلاح، لكن الولايات المتحدة تُشاهدهم اليوم وهم يُقتلون دون أن يرفّ لها جفن. وهو ما يضع مسؤوليتهم الأخلاقية موضع تساؤل”.

مفاوضات حول مصير منبج

في عددها الصادر يوم 20 مارس 2018، أجرت صحيفة لا ليبرتي (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) حوارا مع أنطوان بصبوص، مدير مرصد البلدان العربية في باريس، اعتبر فيه أن “الأتراك يُريدون إنشاء طوق صحي (منطقة آمنة أو عازلة – التحرير) على طول الحدود الجنوبية لبلادهم من خلال طرد أعدائهم الأكراد من المنطقة. نظريا، لا يُفترض أن يذهبوا إلى أبعد من منبج، وهي مدينة تقع على بعد أكثر من مائة كيلومتر إلى الشرق من عفرين بسبب الحاجز الأمريكي (هناك). سيُسمح لهم على الأكثر بإدماج هذه المدينة في حملتهم”.

بصبوص أشار أيضا إلى أن الإطاحة مؤخرا بوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون الذي تفاوض معه الأتراك بخصوص السيطرة على منبج أدت إلى تغيير المعطيات، وأفاد بأن “الأتراك بصدد التفاوض الآن على مصير منبج مع خلفِه مايك بومبايو”.

في رده على سؤال يتعلق بقدرة وحدات حماية الشعب الكردية على استعادة المناطق التي أُجليت عنها، أجاب مدير مرصد البلدان العربية في باريس “لقد دمّر الأتراك أي عمل مقاوم مُهيكل. الإمكانية الوحيدة التي تُركت للأكراد هي المناوشة وحرب الإستنزاف… فبإمكانهم نصب كمائن ومُضايقة الجيش التركي وحلفاءه لكن ليس بمقدورهم استعادة الأراضي التي خسروها”.

“الوسيط الروسي” ينتظر..

صحيفة “24 ساعة” تساءلت في عددها الصادر يوم 23 مارس: إلى أين ستصل تركيا؟ وما هي الأهداف الحقيقية لأنقرة من حملة “غصن الزيتون”؟ ونقلت الجواب على لسان حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول الوطن العربي والمتوسط التابع لجامعة جنيف الذي اعتبر أنه “بعد أن أوشكت المعركة الميدانية ضد داعش على الإنتهاء، يُراهن الرئيس أردوغان حاليا على أن حاجة الولايات المتحدة وجنودها الألفين المنتشرين شرق نهر الفرات إلى المقاتلين الأكراد تضاءلت وأنهم (أي الأمريكيون) سيتخلون عنهم في نهاية المطاف عوضا عن المخاطرة بخوض نزاع مع الحليف التركي”.

الصحيفة الصادرة بالفرنسية في لوزان لفتت إلى أن الرئيس التركي ما فتئ يُكرر في الأيام الأخيرة على أنه سيقوم بتأمين كامل المنطقة الحدودية وصولا إلى العراق، بدءا بمدينة منبج ثم عين العرب وتل أبيض ورأس العين فالقامشلي. في هذا الصدد، ذكّر حسني عبيدي بأن “الرئيس التركي لم يستسغ أبدا الرفض الدولي لإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا”، لذلك يبدو أنه مصمّم على تأمين المنطقة بالقوة، حيث أنه “من المحتمل أن يكون قد استخلص – رغم الإحتجاجات الغربية – أن أحدا لم يحُل دونه ودون السيطرة على عفرين. مع ذلك، فإن إدارة القطاع قد تكون صعبة، ذلك أن الأكراد سيُقاومون..”، على حد قول عبيدي الذي أضاف: “في نهاية المطاف، عندما ستسقر مناطق النفوذ (في البلاد)، ستعرض موسكو نفسها كوسيط للمرحلة الإنتقالية”.

صحيفة تاغس أنتسايغر الصادرة بتاريخ 20 مارس 2018 تناولت تصريحات ولي العهد السعودي خلال زيارته إلى الولايات المتحدة. وعزا باول كروغر، مراسل الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط تصريحات بن سلمان عن حقوق المرأة وإيمانه بالمساواة بين البشر إلى أسباب مختلفة، على رأسها الإقتصاد، فنجاح إصلاحاته الطموحة يعتمد بشكل أساسي على زيادة نسبة النساء في سوق العمل. وذكّر بالمناسبة أن المملكة العربية السعودية تحتل حالياً المرتبة 140 من بين 144 في أحدث ترتيب مخصص للمساواة أصدره المنتدى الإقتصادي العالمي.

كروغر أضاف في الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ: “علاوة على ذلك، يريد محمد بن سلمان تحديث وتحرير المجتمع من قبضة رجال الدين المحافظين، مشيرا إلى أن جيله وقع ضحية لتأثيرهم. وفي هذا السياق، يخطط الأمير لفتح دور سينما وتطوير صناعة الترفيه، لهذا سيلتقي ولي العهد بممثلي صناعة السينما في الولايات المتحدة”. وختم المراسل بالقول: “لا تعتبر الإصلاحات غاية في حد ذاتها، ولكنها بالنهاية جزء من استراتيجية البقاء الحتمية والحفاظ على النظام الملكي في ظل الإنخفاض المتواصل لأسعار النفط، فهذه الإصلاحات لا يُواكبها انفتاح سياسي أو تحول ديمقراطي، بل العكس”.

من جهتها، اعتبرت أسبوعية “فيلت فوخه” الصادرة بتاريخ 22 مارس 2018 أن “رؤية 2030” لولي العهد السعودي خطوة في الإتجاه الصحيح وأن الأمير، لديه الدعم السياسي الداخلي الكافي لتنفيذها، فغالبية الشباب يدعمون ولي العهد بشكل مطلق لأنه وعد بمزيد من الحريات الشخصية والإقتراب بحذر من نمط الحياة الغربية. لكن تحدي المؤسسة الدينية الرافضة لصيغة “الإسلام المعتدل” يظل قائما.

تسابق خليجي على رضى واشنطن

في مقال آخر صدر في صحيفة تاغس أنتسايغر، أشار باول كروغر أيضا إلى أن حرب العلاقات العامة الدائرة بين قطر ودول المقاطعة متواصلة على عدة أصعدة وفي عدة دول لكسب التأييد والدعم الدولي، لكن واشنطن تبقى أهم موقع بالنسبة لهذه الدول. وأشارت الصحيفة في عددها الصادر بتاريخ 17 مارس 2018 إلى أن “محاولات حل الأزمة الخليجية عادت إلى المشهد السياسي، بعد موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التوسط شخصيا لحل الأزمة. فبعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، ستتبع زيارة لأمير دولة قطر. وكان ريكس تيلرسون وزير الخارجية السابق، هو من أعد خطة الوساطة، ويبقى السؤال، عما إذا كانت سارية المفعول بعد أن أقاله الرئيس الأمريكي من منصبه”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية