مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حراك شبابي غير مسبُوق في الأردن.. والمجاعة تهدد ملايين اليمنيين

صحف
اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بالقضيّة الفلسطينيّة. swissinfo.ch

هذا الأسبوع، تنوعت اهتمامات الصحف السويسرية وشملت تسليط الضوء على أبعاد الحراك الشبابي في الأردن ومخاطر المجاعة الهائلة التي تهدد ثلثي سكان اليمن كما تناولت إصدار محكمة في بغداد حكما بالسجن عشرين عاما على امرأة فرنسية عثرت عليها القوات العراقية في الموصل بعد تحريرها من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية".

“الشباب الأردني يُهاجم النظام”رابط خارجي: تحت هذا العنوان تطرق لويس ليما في صحيفة “لوتون” الصادرة يوم 5 يونيو الجاري إلى التحركات الإحتجاجية غير المسبوقة التي نجحت بعد أسبوع في التعجيل باستقالة رئيس الوزراء الأردني. ونقلت عن حسين، أحد المسؤولين عن “الحراك الشبابي”، إحدى المجموعات النشطة المشاركة في الإعتصامات الليلية قوله: “إنه انتصار كبير لكنه ليس كافيا بعد. نحن نُطالب بإسقاط الحكومة بأكملها، ونريد بالخصوص، أن تأخذنا السلطة بعين الإعتبار”.

ولكن ما هو الحراك الشبابي؟ يُجيب الناشط الشاب عن سؤال الصحفي السويسري: “نحن رجال قانون ومهندسون وموظفون أو طلبة. ما يجمع بيننا هو أننا فهمنا جميعا أن النظام السياسي لا يُلقي بالا للمواطنين بالمرة. ولكن نحن هُمُ المواطنون!”

الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في لوزان ذكّـرت بأن التحركات الشبابية سبق أن ظهرت في الأردن في سياق “مواسم الربيع العربية” لعام 2011، لكن التطورات المأساوية في جواره المباشر (حروب دموية في سوريا والعراق) والخشية من الإنزلاق في دوامة جهنمية وتدفق ملايين اللاجئين على المملكة إضافة إلى سطوة أجهزة الأمن الأردنية أدت إلى إسكات أي نوع من التململ أو المعارضة. في المقابل، تحولت إجراءات التقشف التي اشترطها صندوق النقد الدولي لمنح البلد قروضا جديدة والتي كانت ستؤدي إلى ترفيع كبير في الضرائب إلى إشعال فتيل الإحتجاجات.

الملك في وضع “غير مُريح”

ومع أن الشاب حسين وأصدقاءه يستشيطون غضبا إلا أنهم “ليسوا على استعداد للمخاطرة بتعريض استقرار الأردن للتهديد”، كما تقول الصحيفة التي تنقل عن حسين قوله: “نطلب من المشاركين تنظيف الشوارع بعد المظاهرات وأن يتصرفوا باحترام تجاه أفراد قوات الأمن. فهم أيضا أردنيون مثلنا وهم أيضا يرون أن ضرائبهم ترتفع وأن مستوى معيشتهم يتراجع”.

بصرف النظر عن الإحتجاجات التي تعصف بالمملكة، ومع أنه ليس مستهدفا بشكل مباشر من طرف المتظاهرين (الذين غابت عنهم الأحزاب السياسية والإسلاميون القريبون من جماعة الإخوان المسلمين)، إلا أن لويس ليما اعتبر أن “الملك عبد الله الثاني يجد نفسه في وضعية غير مريحة. فعلى الرغم من أن الأردن يُعتبر حليفا تقليديا مقربا جدا من الولايات المتحدة، إلا أن ترامب تجاهله تماما وخاصة لدى نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس… ومع أن الأردن يتمتع بمساعدة أمريكية بقيمة 900 مليون دولار في السنة إلا أن دونالد ترامب لم يُلمّح أصلا إلى الدور الذي تلعبه المملكة الهاشمية (بوصفها صاحبة الوصاية الدينية على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس)، وذلك على العكس من تعامله مع السعودية”.

أخيرا، ذكّرت “لوتون” أن 70% من سكان الأردن من أصول فلسطينية ولفتت إلى أن الطيف السياسي الأردني ظل لفترة طويلة مرآة عاكسة للإنقسام القائم بين الفلسطينيين والقبائل الأردنية (ذات الحظوة لدى العائلة المالكة)، إلا أنها أشارت إلى أن “الحراك الشبابي” يسعى أيضا إلى تجاوز هذا الإنقسام “حيث يضم في صفوفه شبانا فلسطينيين وأردنيين أصليين على حد السواء”.

جاهزية للحوار

في مقالة نشرتها نويه تسورخر تسايتونغ يوم 5 يونيو 2018رابط خارجي بعنوان “الملك الأردنيّ يضحّي برئيس حكومته”، عالج أولريش شميد مراسل الصحيفة في القدس الإحتجاجات والمظاهرات الّتي تشهدها الأردن منذ إجراءات التّقشّف الّتي أعلنت عنّها الحكومة في الأسبوع الأخير من شهر مايو المنصرم، أجرى فيها تحليلاً للوضع الإقتصاديّ للأردن، البلد الفقيرة الّتي يصعب عليها إلى اليوم إيجاد حلول عقلانيّة لمشاكلها الإقتصاديّة، إذ لا يتجاوز النّمو الإقتصاديّ فيها نسبة 2,5% وتصل نسبة البطالة في صفوف شبابها إلى 35% والتي “لا تزال غارقة منذ عشرات السّنين في الدّيون الّتي تساعدها بسخاء على سدادها المملكة العربيّة السّعوديّة والولايات المتّحدة ودول الخليج بشكل عام”، بحسب شميد.

بعد خروج عشرات آلاف النّاس إلى الشوارع ورفعهم لشعارات مندّدة بإجراءات التّقشف، من قبيل  “لا تلمس مرتّبي”، جاء الرّد من طرف الملك الّذي حثّ رئيس الوزراء هاني الملقي على الإستقالة وحلّ الحكومة ونصّب عمر الرزّاز وزير التّعليم السابق على رأس الحكومة الجديدة. في هذا الصدد، يرى شميد أنّ ملك الأردن قد بعث بذلك بإشارة مزدوجة مفادها أولا، التّأكيد للشعب بأنّه يفكّر بهم ويهتم لأمرهم، ومن ناحية أخرى ومن خلال تنصيب الرزّاز رئيسا للوزراء، الرّغبة بإظهار وعيه بالواقع المرّ الّتي تمرّ به البلاد.

في مقالته، يشدّد شميد على صعوبة المهمة الّتي تنتظر رئيس الوزراء وعلى أنّ احتمال توصله لحلّ للوضع الإقتصاديّ الرّاهن للأردن ضئيل جدّاً، وأنّ الرزّاز لن يستطيع في نهاية المطاف التّراجع عن إجراءات التّقشّف تلك، إلّا أنّه يرى أن أهميّة هذا الرّد الملكيّ على غضب واحتجاجات النّاس وخروجهم إلى الشّوارع تكمُن في التّأكيد على أنّ “الرّغبة بالحوار قائمة” وقد تمثّل ذلك عمليّاً بطلب مجلس النواب من الملك السّماح بعقد اجتماع طارئ لمناقشة الأمر.

“مجاعة تهدد اليمن” 

صحيفة تاغس أنتسايغر الصّادرة بالألمانيّة في زيورخ، اهتمت في عددها ليوم 8 يونيو 2018 بالأوضاع في اليمنرابط خارجي، حيث اعتبر المبعوث الأمميّ في اليمن مارتين كريفيس، أن وصول المعارك إلى الحُديْدة، المدينة السّاحليّة المطلة على البحر الأحمر، يُعتبر “بداية لمجاعة ستُعاني منها البلاد بأكملها”، بحسب ما نقل عنه باول أنطون كروغير، مراسل الصّحيفة في القاهرة.  في زيارته الأخيرة إلى صنعاء وعلى الرّغم من تحذيره من وصول المعارك إلى الحُديْدة، أظهر كريسفيس بعض التّفاؤل في إمكانية العودة إلى استكمال محادثات السّلام بعد لقائه بمسؤولين من الحكومة وقادة من الحوثيّين المعترف بهم من قبل صنعاء. 

تعتبر مدينة الحُديْدة، الوقاعة تحت سيطرة المقاتلين الحوثيّين، من أكبر المدن السّاحليّة في اليمن وأهمّها بالنّسبة لدورها الكبير في مدّ البلاد بالموارد في أفقر الدّول العربيّة على الإطلاق “حيث لا يعرف 17 مليون شخص يعيشون في اليمن من أين يأتون بوجبة طعامهم القادمة”، كما جاء في التّقرير. أمّا مخاوف المبعوث الأمميّ السّامي إلى اليمن فمصدرها التّقدّم الّتي تحرزه القوّات اليمنيّة الّتي تساندها قوّات التّحالف العربي وتوقّفها على بعد عشر كيلومترات من مطار الحُديْدة، ومن الوصول المحتمل للمعارك إلى ميناء المدينة ومن ثمّ تدميره بالكامل أو حتّى تعطيله.

التّقرير اشتمل أيضاً على تحليل مختصر للأهميّة الإستراتيجيّة لهذا الميناء بالنّسبة للحوثيّين في الدّرجة الأولى، الّذين يتلقّون الدّعم من إيران ولن يُسلّموا الميناء بسهولة، ولكن أيضاّ بالنّسبة للقوّات اليمنيّة المدعومة من قوّات التّحالف السّعوديّة – الإماراتيّة، حيث ستقترب الحكومة الحاليّة المعترف بها من قبل المجتمع الدّوليّ من خلال السّيطرة على هذه المدينة وميناءها، من الوصول إلى هدفها بالسّيطرة على البلاد بأكملها. من جهتها، قامت كل من السّعوديّة والإمارات بطلب مساندة عسكريّة مباشرة من حكومة ترامب من أجل الإستيلاء على الميناء ووعدت في الوقت نفسه بعدم البدء بالعمليّة قبل تصديق واشنطن عليها. أما المملكة المتّحدة فقد عبّرت بوضوح عن “رفضها لأيّ هجوم من هذا النّوع”، بحسب ما نقلته الصّحيفة.

أخيرا، نقلت الصحيفة مقترح المبعوث السّامي للأمم المتّحدة المتمثل بوضع ميناء الحُديْدة اليمنيّ تحت السّيطرة الدّوليّة، علماً بأنّ ذلك ما طالبت به الرّياض وأبو ظبي منذ زمن، ويرى دبلوماسيّون غربيّون، بحسب باول أنطون كروغير أنّ فرصة المبعوث الأمميّ الآن كبيرة لتغيير الوضع في اليمن، “أمّا في حال فشله فإنّ مأساة اليمن حتميّة”.

“لا أفهم لماذا يحتفظ  العراقيون بنا هنا؟”

في مراسلة بعثت بها أديت بوفييه من بغدادرابط خارجي، نقلت صحيفة “لوتون” في عددها الصادر يوم 4 يونيو 2018، وقائع محاكمة المواطنة الفرنسية ميلينا بوغدير (28 عاما) التي حُكم عليها بالسجن المؤبد في أعقاب جلسة استمرت أقل من ساعة. في هذا التقرير، نقلت المراسلة بعض إجابات ميلينا على أسئلة القاضي المقتضبة، حيث قالت: “لقد أرغمني زوجي على القدوم إلى سوريا وقال لي إن لم أفعل ذلك فسوف يأخذ الأطفال مني”..

وفي ردها على سؤال القاضي: “هل تعتنقين أيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية؟”، أجابت الأم الفرنسية التي كانت مصحوبة في قفص الإتهام بابنتها الصغرى المولودة في الموصل: “لا، أنا ضدها تماما”، وأضافت بصوت لا يكاد يُسمع: “معذرة، لا أريد سوى الاجتماع مجددا مع بقية أبنائي”. وعند التصريح بالحكم الذي يقضي بسجنها عشرين عاما، ظلت ميلينا تكرر هذه الجملة: “لا أريد أن يأخذوا مني ابنتي، لا زلت أرضعها. لا أفهم لماذا يحتفظون بنا هنا. لا أفهم”، حسبما جاء في تقرير المراسلة.

بدأت قصة هذه الأم الفرنسية بمرافقة زوجها ماكسيميليان وأبنائهما الثلاثة في عام 2015 في رحلة بالسيارة إلى سوريا لتجد نفسها في نهاية المطاف في الموصل شمال العراق حيث عثر عليها الجنود بعد نهاية الحصار الذي فُرض على المدينة رفقة أطفالها تحت ركام البيت الذي كانوا يُقيمون فيه. بعد ذلك، تم إيداعها في سجن قوات مكافحة الإرهاب العراقية حيث تعتقل ثلاثون امرأة غربية. وفي موفى عام 2017، تم فصلها عن أبنائها الثلاث الكبار الذين سُلّموا إلى عائلة مُضيفة وعادوا مجددا إلى فصول الدراسلمتابعة  دراستهم.

بعد الإنتهاء من تلاوة حيثيات الحكم، سألت ميلينا المحامين الفرنسيين الثلاثة الذين قدِمُوا خصّيصا من باريس للمرافعة عنها: “هل تعتقدون أنني سأراهم قريبا؟”، وأضافت “لقد قدمنا إلى هنا لا أكثر، لم أكن أظن أن الأمور ستنتهي بهذه الكيفية. كم أنا متأسفة لأطفالي”.

مُراسلة الصحيفة أشارت إلى أن المحامين الفرنسيين سيستأنفون الحكم ونقلت عن الأستاذ ويليام بوردون إدانته بالخصوص لـ “محاكمة غير عادلة، وحكم مُملى من طرف السلطات الفرنسية التي طلبت من بغداد الضرب بقوة”. من جهته، أوضح محاميها الثاني مارتين براديل، أنه “يُوجد إشكال فيما يتعلق بممارسة حق الدفاع في العراق، فزميلنا العراقي لم يُسمح له بمقابلة حريفته. لقد طلبنا من السفارة الفرنسية مساعدتنا على تأمين الإحترام الجيّد لحقوق الدفاع وآمل أم يقوموا بذلك”.

أخيرا، أشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب صدور الحكم النهائي، سيكون بإمكان المحامين المطالبة مُجدّدا بترحيل الشابة الفرنسية إلى بلادها. وعلى الرغم من عدم وجود اتفاقية لتسليم المجرمين بين فرنسا والعراق، إلا أن “تفاهما سياسيا بين البلدين يظل ممكنا”، كما تقول المراسلة أديت بوفييه.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية