مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصناعة

Keystone

على الصعيد العالمي، تعتبر سويسرا من البلدان ذات الوزن الخفيف السياسي، ولكنها تصنف - بوصفها دولة تجارية - ضمن الإقتصادات المتوسطة الحجم في العالم.

في عام 2015، صنف البنك الدولي حجم الإقتصاد السويسري في المرتبة التاسعة عشرة في العالم، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 670 مليار دولار.

في تصنيف الناتج المحلي الإجمالي للفرد (PPP)، وضع البنك الدولي في عام 2015 سويسرا في المرتبة الثانية في جميع أنحاء العالم، بأكثر من 80،000 $ للشخص الواحد، حيث لم تتقدم عليها سوى دوقية اللوكسمبورغ.

لمزيد من المعلومات حول العلاقات التجارية والسياسة الإقتصادية للكنفدرالية، يُمكن الإطلاع على موقع وزارة الاقتصادرابط خارجي السويسرية.

تتوفر سويسرا على تقاليد صناعية عريقة تعود جميعها إلى صناعة الساعات في غرب سويسرا منذ القرن الثامن عشر. لقد طور السويسريون خبرة نوعية في الهندسة الدقيقة من خلال العديد من التطبيقات، كما تكيّفت لاحقا مع التكنولوجيا الرفيعة.

لفترة ما، كانت لدى سويسرا صناعات ثقيلة وهي على سبيل المثال صنع القاطرات للسكك الحديدية، لكن ذلك تراجع الآن بشدة. وعلى غرار البلدان الأوروبية الأخرى، قامت سويسرا بالإنتقال من مرحلة التصنيع إلى اقتصاد يقوم على المعرفة.

المزيد

المزيد

من زيت الكبريت إلى الجزيئات النانوية

تم نشر هذا المحتوى على البداية كانت مع صناعة النسيج، صناعة لا تحتاج كثيرا من المواد التركيبية كالحامض الكبريتي أو هيدروكسيد الصوديوم. ثم تم الانتقال بسرعة في سويسرا إلى إنتاج الملوّنات، ثم إلى العقاقير، فالمبيدات، ثم مبيد الحشرات، فالعطور، وبقية أنواع الطيب. أما اليوم، فتنتج الكيمياء الآلاف من المنتجات، وتبشّر بمستقبل واعد ، وقد دشّنت منذ عهد طويل ثورتها الخضراء،…

طالع المزيدمن زيت الكبريت إلى الجزيئات النانوية

الصناعات الصيدلانية 

تـنشطُ شركات الصناعة الصيدلية السويسرية في مُختلف أنحاء العالم. وتتميز بالتسهيلات التي تقدمها على مُستوى الإنتاج ومؤسسات البحث التي تفتحها في بلدان عديدة.

وغالبا ما توجد المقرات الرئيسية لتلك الشركات وأصولها أيضا في مدينة بازل. وقد بدأت شركات مثل “نوفارتيس” نشاطاتها بتزويد قطاع صناعة النسيج المحلية بالصبغ والطلاء.

ومن القواسم المشتركة بين مختلف الشركات الصيدلية السويسرية عدم استيعاب السوق الداخلية سوى لكمية زهيدة من إنتاجها العام. كما أنها تُنفق نسبة قد تصل إلى خُمس إجمالي مبيعاتها على مجال الأبحاث وتطوير الإنتاج. فالقدرة على توفير أدوية جديدة ومُربحة بشكل دائم شرط أساسي لازدهار الشركات الصيدلية، خاصة وأن فترة صلوحية شهادة براءة الاختراع نادرا ما تتجاوز عشر سنوات.

ومن المواد الكيماوية التي تُنتج أيضا في سويسرا الصباغة واللـّك والبرنيق، فضلا عن النكهات والعطور التي لها أيضا علاقة وثيقة بالقطاع الصيدلي. وتعتبر شركة “جيفودون” السويسرية الرائد العالمي في مجال تصنيع النكهات والعطور، وهو مجال يشهد ازدهارا لافتا.

على غرار قطاعات أخرى، لجأ القطاع الصيدلي السويسري إلى انتهاج سياسة تجميع وحدات الإنتاج القائمة. ولم تكن عملية الاندماج الكبيرة في عام 1996 بين “ساندوز” و”سيبا غيغي” – اللذين كونا “نوفارتيس”- الأخيرة بين الشركات العملاقة.

إلى جانب شركات تصنيع الأدوية الكيماوية، تأوي سويسرا شركات مزدهرة متخصصة في إنتاج الأدوية الطبيعية والبديلة. وفي بعض الحالات، يقتني عمالقة القطاع الصيدلي تلك الشركات لتضرب عصفورين بحجر واحد.

ونظرا لحجم سويسرا الصغير، يظل “مخزونها” من الباحثين النابغين محدودا حتما. مما دفع عددا متزايدا من الشركات الصيدلية السويسرية إلى نقل نشاطاتها البحثية إلى أمريكا الشمالية بهدف توسيع فريق علماءها الأكفاء. ويـُتَوقع أن تساهم حرية التنقل بين سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي أيضا في إثراء حقل الأبحاث في الكنفدرالية.

صناعة الساعات

بماذا ترتبط سويسرا في الأذهان؟ إذا ما طُرح هذا السؤال في معظم شوارع العالم فقد تكون الإجابة الجبنة أو الساعات.

وقد يـَسعد السويسريون بأي الجوابين، رغم أن الساعات تظل بلا منازع أكثر المنتجات المُربحة للسويسريين.

أسوأ إجابة قد تكون “ساعة الوقواق” لأن سويسرا لم تخترع هذه الساعة (تتميز بإطلالة عصفور للإعلان عن أول كل ساعة)، التي ابتكرت في منطقة “الغابة السوداء” جنوب غربي ألمانيا. ومُعظم النماذج التي تباع في سويسرا ما هي إلا مُجرد تقليد باهت للاختراع الألماني.

تُصنع الساعات السويسرية عموما في معامل صغيرة في منطقة “هلال تصنيع الساعات” التي تمتد من جنيف إلى مرتفعات الجورا شمال غربي سويسرا، وفي مدينة شافهاوزن على ضفاف نهر الراين شمال شرقي البلاد. وتتواجد المراكز الرئيسية لصناعة الساعات -باستثناء جنيف- في نوشاتيل وبيين وغرانج.

عرفت صناعة الساعات السويسرية أوجها مع نهاية الحرب العالمية الثانية التي دمرت معظم شركات الساعات في أوروبا. ولم تكن اليابان والولايات المتحدة آنذاك منافسين بعد لسوق الساعات السويسرية. وعلى مدى عقود طويلة، مثلت الصناعات السويسرية نصف الإنتاج العالمي تقريبا.

المزيد

المزيد

الساعات السويسرية.. هل هي “سويسرية” بما فيه الكفاية؟

تم نشر هذا المحتوى على في الوقت الراهن، يجب أن تكون 50% على الأقل من أجزاء محرك الساعة سويسرية الصّنع، بينما يمكن استيراد القطع الأخرى المُكونة لها. وتقول فدرالية صناعة الساعات السويسرية إن 60% من كامل المُكونات يجب أن تكون سويسرية الصنع لكي يحمل المنتوج العلامة التجارية “صنع في سويسرا”. ولكن شركات صناعة الساعات السويسرية متوسطة الحجم ترُد بأن هذا…

طالع المزيدالساعات السويسرية.. هل هي “سويسرية” بما فيه الكفاية؟

وفي بداية التسعينات، كادت ساعات الكوارتز الآسيوية الرخيصة تدمر صناعة الساعات السويسرية رغم أن ساعات الكوارتز اختُرعت أصلا في مدينة نوشاتيل. لكن عمليات إعادة الهيكلة التي عرفها قطاع صناعة الساعات السويسرية عبر اندماج أكبر شركتين منتجتين للساعات، أدت إلى إنتاج (إن لم يكن اختراع) ساعات “سواتش” الشهيرة.

وبفضل تسويق ذكي، تحولت ساعة الكوارتز هاته التي لا تصنف ضمن الساعات الرخيصة، إلى إحدى إكسسوارات الموضة في مختلف بقاع العالم. وخلافا لكافة التوقعات، سجلت الساعات الميكانيكية أيضا عودة ناجحة في الأسواق.

وفي سويسرا، قد يمتلك الشخص حاليا ساعة عادية لسائر الأيام وساعة أخرى تحمل إحدى أسماء الماركات الشهيرة.

وتظل صناعة الساعات الفاخرة مجالا سويسريا بالدرجة الأولى. وبينما تـُمثل ساعات الكوارتز زهاء 90% من إجمالي المبيعات، تُمثل الساعات الميكانيكية أكثر من 50% من قيمة صادرات الساعات السويسرية.

الشركات الصغرى والمتوسطة

بالرغم من أن لدى سويسرا العديد من الشركات الكبرى، مثل نستله، عملاق المنتجات الغذائية وآزيا براون بوفيري (ABB) في مجال الإنشاءات الهندسية والصناعية، إلا أن هذه الشركات ليست ممثلة حقيقة للبلد في مجال التصنيع.

تُشير المعطيات الواقعية إلى أن حوالي 99.6 في المائة من جميع الشركات في سويسرا هي مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم. وتوظف هذه الشركات 2.27 مليون شخص، أي ما يُناهز ثلثي العدد الإجمالي للموظفين. في المقابل، هناك حوالي 750 شركة يزيد عدد العاملين فيها عن 300 شخص، إلا أنها تمثل 30٪ من إجمالي القوى العاملة في البلاد.

تنشط العديد من هذه الشركات في مجال الهندسة الكهربائية والميكانيكية، الذي يُعتبر وهو القطاع الصناعي الأول في سويسرا. أما أغلب هذه الشركات فهي متخصصة للغاية ومُوجّهة للتصدير وغالبا ما يتمثل إنتاجها في أدوات الآلات الدقيقة أو الأجهزة الإلكترونية التي لا تشتهر لدى الجمهور أو في البيوت عامة، لكنها تُصدّر إلى الشركات الصناعية ذات الإنتاج الضخم في جميع أنحاء العالم.

هندسة ونسيج وغزل

يعملُ عدد كبير من تلك الشركات النشطة في البورصة في حقل الهندسة الكهربائية والميكانيكية الذي يتصدر القطاع الصناعي في سويسرا.

معظم الشركات متـُخصصة للغاية ونشيطة في مجال التصدير. وتشغّل هذه الشركات 2.3 مليون عامل، 66.6% منهم لا يشتغلون في وظائف حكومية. كما لا يزيد عدد الشركات التي يتجاوز عدد أماكن العمل لديها 250 وظيفة عن 0.4% من الشركات السويسرية، لكنها تمثل 33.4% من القوة العاملة. وتُنتج شركات الهندسة الكهربائية والميكانيكية في الغالب بضائع مثل الأدوات الآلية الدقيقة، وتجهيزات إلكترونية لا تحظى بشهرة على مستوى محلي، بل تـُصدر لقطاعات صناعات الإنتاج الكثيف في مختلف أنحاء العالم.

تُمثل المصانع الهندسية السويسرية أكثر من 40% من قيمة إجمالي الصادرات الوطنية. وتعود أصولها لحقبة تصنيع إنتاج النسيج.

فقد تمكنت آلات النسج والغزل السويسرية من اكتساح جزء واسع من السوق العالمية. ولئن كان إنتاج النسيج في سويسرا هزيلا من الناحية الكمية، فإن الآلات المتخصصة، بما فيها الآلات المُستعملة في مجال المراقبة الكهربائية، مازالت تحظى بمكانة كبيرة في السوق العالمية. وتُنتج أيضا الآلاتُ السويسريةُ التصميم بـرخصة في عدد من بقاع العالم.

إلى فترة قريبة، كانت المصانع في سويسرا تـُنتج تجهيزات هندسية ثقيلة، مثل سُفن “سولزر” التي تعمل بمحركات الديزل، ومحطات توليد الطاقة، وواحدة من أقوى القاطرات الإلكترونية في العالم. وكانت البلاد تنتج قبل ذلك محركات للسيارات والشاحنات ذات جودة عالية تم تصديرها بشكل واسع.

وقد فتحت الآلات الثقيلة الطريق أمام الاستثمار في منتجات أكثر تخصصا. ومن الصناعات التي تحتل فيها الشركات السويسرية إحدى مراتب التصدير الخمس الأولى على المستوى العالمي آلات النسيج، وآلات تصنيع الورق والطباعة، وصيانة السلع عند حزمها وتعبئتها، والأدوات الميكانيكية، وتجهيزات الوزن والقياس.

وتُستعمل الكثير من المُنتجات السويسرية في صناعة المحركات في مختلف أنحاء العالم، مثل المـُفجرات النارية الصغيرة التي تنفخ الأكياس الهوائية “إيرباغز” لحماية ركاب السيارات من أذى الصدمات، أو تجهيزات العزل الصوتي المتطورة. 

توليد الطاقة

بفضل تضاريسها وارتفاع مستويات هطول الأمطار السنوية فيها، تتمتع سويسرا بظروف مثالية لإنتاج الطاقة الكهرومائية. 

في نهاية القرن التاسع عشر، خضعت الطاقة الكهرومائية لفترة أولية من التوسّع، حيث شهدت بين عامي 1945 و 1970 طفرة حقيقية. وفي بداية السبعينيات، كانت الطاقة الكهرومائية لا تزال تمثل ما يقرب من 90٪ من إنتاج الكهرباء المحلية، إلا أن هذا الرقم انخفض إلى حوالي 60٪ بحلول عام 1985 في أعقاب تشغيل عدد من محطات الطاقة النووية في البلاد.

عموما، تبلغ قيمة سوق الطاقة الكهرومائية حوالي مليارين من الفرنكات، وبالتالي فهي جزء مهم من صناعة الطاقة في سويسرا. 

وتكتسي تجارة الكهرباء عبر الحدود أهمية كبرى بالنسبة لسويسرا، من الناحية الاقتصادية ومن حيث أمن العرض. وللعلم، فإن سويسرا جزء من شبكة الكهرباء في أوروبا الغربية. وفي العادة، تكون قادرة في الصيف على تصدير الكهرباء، إلا أنها تضطر للإستيراد في فصل الشتاء. ففي عام 2016 مثلا، زاد حجم الكهرباء الذي استوردته سويسرا بـ  3.9 مليار كيلوواط / ساعة عن صادراتها.

لمعرفة المزيد من المعطيات عن سياسة الطاقة في سويسرا، انقر على موقع المكتب الفدرالي للطاقة.رابط خارجي

(ملاحظة من التحرير: هذا المحتوى ظل مُحيّنا إلى حدود شهر يونيو 2017، إلا أنه لم يتم تحديثه فيما بعدُ).

القيمة المضافة

تُجسِّد الساعة جيدا تصوُّر “القيمة المضافة” الذي يعتمد عليه الاقتصاد السويسري. فالشركات السويسرية لا تميل إلى خيار الإنتاج الكثيف للمواد الاستهلاكية الرخيصة، لأن ذلك قد يضطرها إلى استيراد كميات هائلة من المواد الخام المُكلفة لتصنيعها. وقد لا ترتفع القيمة الصافية لتلك المنتجات بشكل ملموس لدى تصديرها لمنافسة الأسواق العالمية.

أما تكاليف المواد الخام لتصنيع ساعة تُباع بـ 100 أو 3000 فرنك، فلا تختلف كثيرا. غير أن العمل الذي يـُستثمر في تصميم وإنتاج وتسويق الساعة يفرض فرقا هائلا.

نفسُ الشيء ينطبق على الشركات السويسرية الصغيرة التي تـُنتج الزيت المُشغل لمحركات الساعات، إذ تقوم بتكرير تلك المادة الخام إلى أقصى حد حتى أن سعر المنتوج النهائي يضاهي ثمن الذهب أو الكافيار.

رغم توفـُّر سويسرا على شركات عملاقة مثل مجموعة “نستلي” للصناعات الغذائية، والشركات الصيدلية مثل “نوفارتيس” و”روش”، ومصارف مثل “اتحاد المصارف السويسرية” (UBS) و”كريدي سويس”، وشركات التأمين مثل “زيورخ”، فلا تُمثل هذه الشركات في الواقع سويسرا كدولة صناعية، إذ أن ثلثي الإنتاج الاقتصادي للبلاد يعتمد بنسبة 98% على الشركات التي تـُوظف أقل من 50 شخصا.

تـُشغل الشركات المتوسطة والصُّغرى 1,45 مليون شخص، أي أكثر من نصف إجمالي من لا يعملون لحساب القطاع العمومي. زهاء 750 شركة فقط تتوفر على يد عاملة تتجاوز 250 شخصا، لكنها لا تمثل سوى 30% من مجموع القوى العاملة في البلد.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية