مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة بعد إطلاق صواريخ

منزل في مدينة بئر السبع الإسرائيلية تضرر نتيجة إطلاق صاروخ من قطاع غزة في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2018 afp_tickers

شنّت طائرات حربيّة إسرائيلية الأربعاء سلسلة غارات على مواقع لحركة حماس في قطاع غزة، ردّاً على إطلاق صواريخ من القطاع المحاصر على جنوب الدولة العبرية، وذلك على خلفية توتّر متصاعد بين الطرفين.

ويثير هذا التصعيد الذي تسبّب بمقتل فلسطيني وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، الخشية من مواجهة جديدة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزّة، وفي مقدّمها حماس التي تسيطر على القطاع من دون منازع في ظلّ حصار إسرائيلي وإقفال معبر رفح مع مصر.

وندّدت حركة حماس بإطلاق الصواريخ، مشيرةً الى أنّ لا علاقة لها بها، لكنّ إسرائيل حمّلتها المسؤولية رغم ذلك.

وندّدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإطلاق الصواريخ وحضّا على “التهدئة” خشية اندلاع حرب جديدة.

وحذّر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من أنّ إسرائيل ستعمل على منع هذه التصرفات اذا لم تتوقف.

وبعد أعمال العنف، التقى نتانياهو مسؤولين أمنيين ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، محذّراً من أنّه “إذا لم تتوقّف هذه الهجمات، فسنعمل على توقّفها”، مشيرًا إلى أنّ “إسرائيل ستتصرّف بحزم شديد”.

ووصف مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف إطلاق الصواريخ بأنه “تصعيد خطير” و”استفزاز”، ودعا إلى “التهدئة” لمدة 48 ساعة لإتاحة مواصلة جهود نزع فتيل الأزمة.

وتابع أمام الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين “بخلاف ذلك، فإن العواقب ستكون فظيعة للجميع”.

كما دان الاتّحاد الأوروبي الهجوم “غير المقبول” ضد المدنيين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّ صاروخًا أُطلق صباح الأربعاء من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل تسبّب بأضرار في مدينة بئر السبع (جنوب) التي تبعد 40 كلم عن غزة.

ووقع الصاروخ في حديقة منزل تسكنه عائلة لديها ثلاثة أطفال. ولم تُصب العائلة بجروح، إلّا أنّها تلّقت علاجًا من جرّاء الصدمة، بحسب وسائل إعلام.

وتحدّث الجيش الإسرائيلي عن صاروخ آخر أُطلق في اتجاه البحر.

وهي المرة الأولى منذ وقت طويل التي يصل فيها صاروخ الى هذه المسافة داخل الأراضي الإسرائيلية، ما أثار ردّاً إسرائيلياً عنيفاً.

وأعلن متحدث باسم الجيش في وقت لاحق في مؤتمر عبر الهاتف مع صحافيين، أنّ سلاح الجو الإسرائيلي قصف 20 موقعاً لحركة حماس في قطاع غزة.

وقال المتحدّث جوناثان كونريكوس “قصفنا حوالى 20 هدفاً عسكرياً واضحاً”، مؤكّدا عدم ضرب أي هدف مدني.

وتابع “كانت الأهداف متنوعّة ومختلفة، منها أحد أنفاق الإرهاب، نفق هجومي يستهدف إسرائيل، وورشتان لحفر الأنفاق، ومرافق عسكرية مختلفة تابعة لحركة حماس. كما قصفنا موقعاً لتصنيع الأسلحة المتقدّمة”.

– إغلاق المعابر –

وقال كونريكوس إنّ حركة حماس تتحمّل المسؤولية الكاملة عن إطلاق الصواريخ “بالرّغم من أنها تنصّلت من العملية”.

وأشار الى أن “الصواريخ متوسطة المدى، هي محليّة الصنع”، وأنّ “هناك منظمتين فقط في غزة تملكان هذه الأنواع المحدّدة من الصواريخ هما حركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني”.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان “يمكن أن تكون عناصر صغيرة مارقة هي التي قامت بإطلاق الصواريخ، لا يمكن استبعاد ذلك، لكن المسؤولية تقع بشكل مباشر على عاتق حركة حماس، لأنها مسؤولة عن صنع القرار، سواء أكانت هي التي ضغطت إصبعها على الزناد أو غيرها من فعل ذلك”.

وكانت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بما فيها حركة حماس، دانت عملية إطلاق الصواريخ الليلة الماضية.

وقالت في بيان إن “أجنحة المقاومة في غرفة العمليات المشتركة تحيّي الجهد المصري المبذول لتحقيق مطالب شعبنا، وترفض كل المحاولات غير المسؤولة التي تحاول حرف البوصلة وتخريب الجهد المصري، ومنها عملية إطلاق الصواريخ الليلة الماضية”.

وتقوم مصر بوساطة بين حركة حماس والإسرائيليين من أجل إرساء هدنة في قطاع غزة بعد سلسلة توترات خلال الأشهر الأخيرة.

وقال الجيش الإسرائيلي من جهته “نحن ندعم الجهود المصرية وندرك اهميتها، لكنّ ما تقوم به حماس من هجمات ضد اسرائيل يقوّض الجهود”.

وبثّ الجيش شريط فيديو لمجموعة رجال يظهرون وكأنهم يحضّرون لإطلاق صاروخ، قبل أن يختفي أحدهم إثر انفجار ناتج على الأرجح عن ضربة إسرائيلية.

وقد يكون هذا الشخص على الأرجح ناجي جمال محمد الزعانين (25 عاما) الذي أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة مقتله في الغارات.

وأمر وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان بإغلاق نقطتي العبور بين إسرائيل وقطاع غزة بعد سقوط الصاروخ.

وأعلنت ناطقة باسم الهيئة التابعة لوزارة الدفاع المكلفة الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية أنّ ليبرمان أمر بإغلاق معبر إيريز للأشخاص وكيريم شالوم (كرم أبو سالم) للبضائع، وكذلك تقليص منطقة الصيد المسموح بها قبالة سواحل قطاع غزة من ستة الى ثلاثة أميال بحرية.

وأعلن رئيس بلدية بئر السبع إغلاق المدارس في محيط قطاع غزة.

في المقابل، روت عائلات فلسطينية أن تلاميذ ثلاثة مدارس غرب رفح محيطة بأحد المواقع المستهدفة بالغارات الإسرائيلية غادروا مدارسهم بعد دويّ انفجار كبير تسبّب بتحطيم زجاج المدارس فضلاً عن حالات الهلع.

من ناحيتها، حذّرت المدعية العامّة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا من أنّها “تراقب من كثب” الوضع في قطاع غزة ولن تتردّد في التحرّك عند الضرورة.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية أطلقت تحقيقاً أوّلياً في 2015 في اتّهامات بجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية في أعقاب حرب غزة. ورغم زيارة إلى المنطقة، لم تنتقل المحكمة الجنائية الدولية بعد إلى المرحلة التالية بفتح تحقيق شامل يمكن أن يفضي إلى توجيه اتهامات.

والمسألة حساسة جدا، فقد هدد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في أيلول/سبتمبر باعتقال قضاة المحكمة في حال تحركوا ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة.

– “ضربة قاسية” –

وكان ليبرمان أكّد الثلاثاء ضرورة توجيه “ضربة قاسية” لحركة حماس في غزّة، معتبرًا أنّه لا يُمكن السماح باستمرار الاحتجاجات الفلسطينيّة وأعمال العنف على حدود القطاع.

وقال ليبرمان “أعتقد أنّنا في هذه المرحلة استنفدنا كل الاحتمالات، وحان الآن الوقت لاتّخاذ القرارات”.

وتنظّم حركة حماس منذ 30 آذار/مارس احتجاجات “مسيرات العودة” كل يوم جمعة قرب الحدود مع إسرائيل بمشاركة آلاف الفلسطينيين، وغالباً ما تتخلّل هذه الاحتجاجات مواجهات دامية.

وقُتل منذ ذلك التاريخ 207 فلسطينيين على الأقلّ، وجندي إسرائيلي واحد.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية