مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

فرنسا تتبنى عقيدة هجومية في الحرب الإلكترونية

وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي تلقي خطاباً حول الحرب الإلكترونية في وزارة الدفاع في باريس في 18 كانون الثاني/يناير 2019 afp_tickers

عززت الجيوش الفرنسية موقفها في مواجهة انتشار التهديدات في الفضاء الرقمي الذي تحول إلى ساحة مواجهة مع تبنيها عقيدة هجومية في الحرب الإلكترونية.

وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي الجمعة في معرض إطلاقها الشق الهجومي للعقيدة الإلكترونية العسكرية الفرنسية، “نتزود اليوم بإطار واضح ونأخذه على عاتقنا: نعم، فرنسا تستخدم، وستستخدم السلاح الإلكتروني في عملياتها العسكرية”.

وأضافت أنه “في حال تعرض قواتنا لهجوم إلكتروني فإننا نحتفظ بحق الرد”، ولكن “سنكون مستعدين أيضاً لاستخدام السلاح الإلكتروني في العمليات الخارجية لأغراض هجومية، إما بمفرده أو لدعم وسائلنا التقليدية، من أجل مضاعفة تأثيرها” في إطار “الاحترام التام لمعايير القانون الدولي العام”.

وقال بدوره رئيس أركان الجيوش، الجنرال فرانسوا لوكوانتر، إنه في ظل انتشار الهجمات الإلكترونية سواء التي تشنها دول أو متسللون أو جماعات إرهابية ومجرمون، وفي حين باتت النظم القتالية أكثر اتصالاً ببعضها، “أصبحت الأسلحة الإلكترونية اليوم عناصر لا يمكن الاستغناء عنها في العمل العسكري”.

قبل ثلاث سنوات، أكد وزير الدفاع السابق جان إيف لو دريان (2012-2017) أن الحرب الإلكترونية “الهجومية لأغراض عسكرية ليست من المحرمات بتاتاً”.

في حين أن لدى فرنسا منذ عام 2017 قيادة عسكرية للدفاع الإلكتروني، ينص قانون التخطيط العسكري لسنوات 2019-2025 على قيام القوات المسلحة بتجنيد 1000 مقاتل إلكتروني إضافي، لتصل إلى قوة عاملة من 4000 شخص خلال سبع سنوات، مع نفقات بحوالي 1,6 مليار يورو خلال تلك الفترة.

– رسالة قوية –

وقالت بارلي إنه من خلال إضفاء الطابع الرسمي على هذه العقيدة، تريد فرنسا توجيه “رسالة قوية إلى معارضيها”، مشيرة إلى أن شبكات وزارتها كانت هدفاً لمئات الهجمات الإلكترونية في عام 2017، وبالقدر نفسه على الأقل في عام 2018. وأضافت “البعض نفذه جماعات خبيثة، والبعض قراصنة معزولون لكن البعض، كما نعلم، يأتي من دول وأقل ما يقال عنها إنها غير محتشمة ومنفلتة”.

في الفترة ما بين نهاية عام 2017 ونيسان/أبريل 2018، كانت خوادم وزارة الجيوش هدفاً “لمهاجِم سعى للوصول مباشرة إلى محتويات حسابات البريد الخاصة بـ 19 موظفاً بما في ذلك بعض المسؤولين المهمين”.

وقالت الوزيرة إن البعض نسب هذا الهجوم الإلكتروني إلى مجموعة قراصنة “تورلا” الناطقين بالروسية وتشتبه وسائل الإعلام الألمانية بأنهم نظموا في العام الماضي هجوماً إلكترونياً كبيراً ضد الحكومة الألمانية.

في السنوات الأخيرة، نجحت عدة هجمات إلكترونية منسوبة إلى دول أو مجموعات قريبة منها في تنفيذ عمليات تخريب مادية هائلة في بعض الأحيان.

في عام 2010، تمكنت دودة “ستكسنت” التي نشرتها على الأرجح الولايات المتحدة وإسرائيل من تخريب أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم.

وفي عام 2017، كلف هجوم بدودة “واناكراي” التي ترافقت بطلب فدية ونسبتها واشنطن إلى كوريا الشمالية، وكذلك خصوصاً “نوت-بتيا” التي اشتُبه بأن روسيا وراءها، شركات في جميع أنحاء العالم خسائر بمليارات الدولارات عن طريق تدمير أنظمتها المعلوماتية.

– توظيف –

وتأمل وزارة الدفاع الفرنسية أيضاً “تثقيف الجنود بشأن الأهمية المتزايدة للعمليات الإلكترونية” وتشجيع التخصص في المجال في حين أن “عدد المهنيين الأكفاء محدود والطلب عليهم يزداد في الجيوش كما في الشركات”.

بالمناسبة، أطلقت قيادة الدفاع الإلكتروني الفرنسية (كومسيبر) في الأيام الأخيرة حملة للتوظيف على شبكات التواصل الاجتماعي، في حين يُفتتح الثلاثاء المنتدى الدولي للأمن الإلكتروني في مدينة ليل، في شمال فرنسا.

وبين حلفاء فرنسا، لدى الولايات المتحدة وبريطانيا عقيدة هجومية إلكترونية. إذ أنشأت واشنطن قبل عشر سنوات القيادة العسكرية السايبرية المسؤولة عن الرد على الهجمات الإلكترونية وتنفيذ عمليات هجومية في الفضاء الإلكتروني.

كما يُعد حلف شمال الأطلسي منذ 2016 الفضاء الإلكتروني “نطاق عمليات”، ويستخدم تكتيكات الحرب الإلكترونية في عمليات الحلف لتعزيز “الردع” ضد روسيا.

لذا، يمكن أن يؤدي “هجوم إلكتروني إلى تفعيل المادة 5” في المعاهدة التأسيسية للحلف وتنص على أن تهب الدول الأعضاء لنجدة أي دولة حليفة اذا تعرضت لهجوم.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية